الأحداث التاريخية بين التقويمين الهجري و الميلادي / أحمد كا - جمعية الفلك بالقطيف

الأحداث التاريخية بين التقويمين الهجري و الميلادي / أحمد كاظم آل رضوان ( عضو عامل )

أحمد كاظم آل رضوان

جمعية الفلك بالقطيف

شعبان 1424هـ - تشرين أول ( أكتوبر) 2003م

الهدف

استخدام طريقة عالية الدقة للتحويل بين التقويمين الهجـري و الميلادي لغـرض التحقق مــن تواريخ الحوادث التاريخية المدونة في كتب التاريخ و السير.

بسم الله الرحمن الرحيم

]هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ! إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ[ (سورة يونس 5و 6)

]يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ ( سورة البقرة 189)

مقدمة

التاريخ هو عرض مكتوب للزمان والمكان في سجل حياة الأمم ، والزمان عنصر أساس في كتابة التاريخ. ولما كان التاريخ مرتبط بفن تحديد الزمان لضمان الصواب في تسجيل الأحداث، فقد اهتم العلماء والباحثون بهذا الفن و حين جاء المستشرقون لدراسة شئون الشرق اهتموا كثيراً بموضوع مقارنات وتحويل السنين بين هجرية وميلادية وغيرهما من التقاويم القديمة والحديثة. وجاء بعدهم علماء عرب ومسلمون قاموا بوضع جداول للتحويل بين مختلف التقاويم أو انهم ترجموا ما وضعه المستشرقون في هذا المجال.

وفي عصرنا الحاضر وبفضل التطور التقني في مجال استخدام الحاسب الآلي وما توفره شبكة المعلومات العالمية أصبحت برامج التحويل بين مختلف التقاويم متيسرة وسهلة المنال وأكثر دقة وموثوقية. لكن أغلب هذا البرامج تعمل على أساس حساب العلاقة بين السنين للتحويل بين مختلف التقاويم. و هذه الطريقة في كثير من الأحيان تولد خطأ مقداره يوم واحد عند استخدامها للتحويل من و إلى التقويم الهجري الذي يثبت بالرؤية البصرية للهلال.

وفي الأحداث التاريخية كتلك التي حدثت في صدر الإسلام عندما تتعدد الراويات حول تاريخ حدوثها ويكون هناك تواتر في اليوم من الأسبوع الذي حدثت فيه ، على سبيل المثال ، تاريخ حدوث الهجرة النبوية حيث اتفق الرواة في اليوم من الأسبوع على أنه يوم الاثنين إلا أنهم اختلفوا في اليوم من شهر ربيع الأول. وفي هذه الحالة لا بد من برامج تعتمد في حساباتها على إمكانية الرؤية البصرية في مكان وقوع الحدث التاريخي حتى يمكن التأكد من الرواية التاريخية أو ترجيحها على غيرها. و مثل هذه البرامج التي تعتمد على الرؤيا محدودة جداً – حسب اطلاعي – وهي ليست مخصصة لغرض التحقيق العلمي للأحداث الإسلامية، و من هذه البرامج: برنامج (Moon Calculator 6.0, by Dr. Monzur Ahmed)) ، و برنامج التقويم الفلكي الإسلامي الصادر من مركز البحوث و الدراسات الفلكية. و قد قمت باستخدامهما للتحقق من بعض الأحداث التاريخية، و أوردت في ذيل هذه الورقة بعض الأمثلة التطبيقية من التاريخ. راجياً أن تكون هذه الخطوة حافزاً لأهل الفكر والاختصاص للتوسع في هذا الموضوع و وضع برامج تخدم الباحثين في هذا الجانب.


تعريف التقويم لغة و إصطلاحاً

"قوّم الشيء تقويماً ، عدّله ، و منه تقويم البلدان لبيان طولها و عرضها ، و ربما سُمِّي حساب الأوقات بالتقويم ، جمعها تقاويم." (محيط المحيط)

"التقويم هو عبارة عن نظام زمني وضعي، قام الإنسان بوضعه وفق أسس ثابتة ليكون مقوماً و دليلاً لتواريخ حياته اليومية عبر التاريخ، و منظماً لحياته اليومية." و هو " يمثل سجلاً زمنياً للسنين و أجزائها ، اعتماداً على ظاهرة طبيعية ثابتة أو أكثر" .(الدكتور علي حسن موسى ، التوقيت و التقويم ، دار الفكر دمشق 1990)

"التقويم هو مقياس الزمن منه نعرف الأيام والشهور والسنين والمواسم الدينية كالصوم والأعياد أو المواسم المعيشية كالعطل ومواعيد الزراعة وقيد المعاملات التجارية وتسجيل الحوادث التاريخية." (الدكتور صالح العجيري، التقاويم قديماً و حديثاً، مكتبة العجيري الكويت 1992)

التقويم هو نظام لتنظيم وحدات الوقت لغرض حساب الوقت على فترات ممتدة. و من المتعارف عليه أن اليوم هو الوحدة الأصغر في التقويم؛ أما قياس أجزاء اليوم فيسمى ضبط الوقت (timekeeping).

(Doggett, Calendars http://astro.nmsu.edu/~lhuber/leaphist.html)


أهم تقاويم شعوب العالم

عناصر التقويم

الدورات (الوحدات) الفلكية الرئيسة لحساب الزمن تمثل عناصر التقويم و هي:

اليوم الذي يمثل الفترة الزمنية التي تستغرقها الأرض لتكمل دورة واحدة حول محورها.

الشهر القمري هو الوحدة الأساس للتقويم الإسلامي و يمثل الفترة الواقعة بين محاق و محاق لاحق.

السنة (المدارية) تمثل متوسط الفترة الزمنية التي تستغرقها الأرض لتكمل دورة حول الشمس ، أو هي الفترة الزمنية المنقضية بين مرورين متتالين للشمس من نقطة الاعتدال الربيعي و هي تتحرك ظاهرياً حول الأرض. و تكمن التعقيدات في التقاويم لكون هذه الدورات الفلكية غير ثابتة وغير متناسبة تماماً مع بعضها البعض ، فمثلاً:

· السنة المدارية مدتها (365.24219878) يوماً.

· الشهر القمري مدته (29.530588) يوماً.

· طول اليوم الشمسي الظاهري بين طلوع الشمس أو غروبها و طلوعها أو غروبها في اليوم التالي ليس 24 ساعة بالضبط أيضا.

لذلك اعتمد المؤقتون والحاسبون الزمن بالساعة الوسطية و يتبع ذلك اليوم الوسطي كما اعتمدوا الشهر الاصطلاحي والسنة الاصطلاحية أيضا في التقاويم سائدة الاستعمال في عصرنا الحاضر. والتقاويم متعددة الأنواع كما أنها مرت بأطوار كثيرة عبر التاريخ منها ما اضمحلت مع الأمم في العصور السالفة ومنها ما طرأ عليه تحوير وتعديل أو تصح

و فيما يلي لمحة تاريخية عبر أهم تقاويم الشعوب القديمة و الحديثة:

التقويم المصري القديم

أول من وضع التقويم هم قدماء مصر حيث توصلوا إلى أن طول السنة 365 يوما وذلك بملاحظاتهم ظهور نجم الشعرى اليمانية قبيل شروق الشمس. كما لاحظوا أن 12 دورة قمرية تحدث في كل دورة فصولية لذلك فقد قسموا السنة إلى 12 شهرا كل منها 30 يوما ويضيفون 5 أيام في آخر السنة لأعيادهم. و قسموا السنة إلى ثلاثة فصول كل منها 4 شهور.

و نتج عن استعمال سنة ذات 365 يوما بدون ربع يوم كما هي السنة الشمسية أن انتقلت الفصول من مواقعها إلى أن مضى 1460 سنة فعاد التوافق بين السنتين حيث أن كل 1460 مصرية تعادل 1461 سنة شمسية.

و بالحسابات الفلكية إقترنت الشمس مع نجم الشعرى عند الشروق في عامي 4241 و 2773 قبل الميلاد، لذا فأحدهما ربما تكون بداية التاريخ المصري القديم.

التقويم السرياني

يعرف هذا التقويم بالتقويم السلوقي نسبة إلى سلوقس نيكاتور أحد قادة الاسكندر المقدوني الذي اختص بسوريا بعد موته. ومبدأ هذا التقويم هو يوم الاثنين (1) أكتوبر 312 قبل الميلاد وهي السنة التي استولى فيها سلوقس على بلاد غزة وبابل والسنة في هذا التقويم أما بسيطة وعدد أيامها 365 يوما أو كبيسة ذات 366 يوما والسنة الكبيسة هي التي تقبل القسمة على 4 بعد طرح 3 منها اما الأشهر السريانية فهي كالتالي:

  1. تشرين الاول

(31)

7. نيسان

(30)

  1. تشرين الثاني

(30)

8. أيار

(31)

  1. كانون الاول

(31)

9. حزيران

(30)

  1. كانون الثاني

(31)

10. تموز

(31)

  1. شباط

(28)

11. آب

(31)

  1. آذار

(31)

12. أيلول

(30)

والملاحظ أن شهور هذا التقويم توافق شهور التقويم الجولياني وكذلك تتطابق مع أيامها فأول شهر تشرين الاول هو أول أكتوبر وأول تشرين الثاني هو أول نوفمبر وهكذا حتى في شهر فبراير فانه يوافق شهر شباط في بدايته وفي نهايته وفي بسطه وفي كبسه. و يشبه الآن التقويم السرياني ( السوري القديم) المستخدم في سوريا التقويم الجريجوري و لا يوجد إختلاف سوى في أسماء الأشهر و في رأس السنة حيث أنها تبدأ في فصل الخريف.

تعود بداية التقويم العبري إلى يوم الاثنين 7 أكتوبر سنة 3761 قبل الميلاد. و السنة العبرية شمسية والشهور قمرية لذلك فهم يضيفون 7 شهور في كل 19 سنة فقد عرف اليهود أنه بعد مضي 19 سنة يعود مولد القمر كما كان في أول الدورة كما حسبوا أنه خلال هذه الفترة يمر 235 هلالاً قمرياً وقد وزعوا السبعة شهور على التسعة عشر سنة على السنتين التالية في كل دورة و هي: 3، 6، 8، 11، 14، 17، 19. والسنة العبرية ستة أنواع هي :

1- بسيطة معتدلة وطولها 354 يوماً

2- بسيطة زائدة وطولها 355 يوماً

3- بسيطة ناقصة وطولها 353 يوماً

4- كبيسة معتدلة وطولها 384 يوماً

5- كبيسة زائدة وطولها 385 يوماً

6- كبيسة ناقصة وطولها 383 يوماً

ولمعرفة السنة البسيطة من السنة الكبيسة أن تقسم السنة على 19 فأن صادف الباقي أحده هذه الأرقام فالسنة كبيسة ذات 13 شهراً وإلا فهي بسيطة ذات 12 شهراً ، و لا يجوز أن تبدأ السنة عندهم بيوم الجمعة أو الأحد.

أما أسماء الشهور وعدد أيامها فهي كما في الجدول التالي:

أسماء الشهور البسيطة الكبيسة

تشري 30 30

مرحشوان 29+ 29+

كيسلو 30- 30-

طيست 29 29

شباط 30 30

آذار الأول 29 30 ( الشهر الكبيس )

آذار الثاني - 30 ( آذار الأصلي )

نيسان 30 30

أيار 29 29

سيوان 30 30

تموز 29 29

آب 30 30

المجموع 354 384

ملاحظة : قد يزاد شهر مرحشوان 1 يوم وقد ينقص من شهر كسلو ( 1 ) يوم

بدأ العمل بالتقويم الهجري الشمسي الإيراني سنة 1925 ميلادية وهو يبدأ من الاعتدال الربيعي وعدد شهوره 12 شهراً الستة الأولى كل منها 31 يوماً والخمسة التي تليها كل منها 30 يوماً و الشهر الأخير 29 يوماً في السنة البسيطة و 30 يوماً في السنة الكبيسة.

وأسماء الشهور هي : فروردين، اذربيهشت، خرداد، تير، مرداد، شهريار، مهر، ايان، آذر، دي ، بهمن، اسفندار.

وبما أن هذا التقويم قد بني على أساس السنة الهجرية الأولى والهجرة النبوية حدثت في الاعتدال الخريفي فقط جعلوا أول شهورهم من الاعتدال الربيعي الذي وقع قبل الهجرة بنصف عام.


التقويم العربي قبل الإسلام

كان العرب في الجزيرة العربية يتبعون الحساب القمري ويعتمدون في ذلك على الرؤية البصرية للهلال ابتداء من مشاهدته لأول مرة في الشهر إلى مشاهدته ثانية في بداية الشهر التالي وعدة الشهور عندهم 12 شهراً ذلك لأنهم يعلمون أن الفصول تعود إلى وضعها بعد مرور 12 مرة من أوضاع القمر.

استخدم العرب عبر فترات تاريخهم الطويل قبل الإسلام أسماء معينة للأشهر القمرية إلى أن تغيرت تلك الأسماء لتأخذ صورتها المعروفة حالياً:

1- محرم : لا يستحلون فيه القتال

2- صفر : تصفر الديار أي تخلو منهم لخروجهم للحرب

3- ربيع الأول : شهر العشب والخضار والمطر

4- ربيع الآخر: سمي لنفس السبب

5- جمادى الأولى : التسمية من الجمد لأنه يقع في فصل الشتاء

6- جمادى الآخرة: التسمية لنفس السبب

7- رجب : المعظم أو المهاب

8- شعبان : لانشعاب القبائل فيه إلى طلب الغارات

9- رمضان : رمض الحر شدته

10- شوال : تشول النقاة ترتفع ذنبها طلباً للقاح

11- ذو القعدة : لقعودهم فيه عن القتال

12- ذو الحجة : موسم الحج

الكبس عند العرب

عرف العرب أربعة أشهر حرم هي: ذو القعدة و ذو الحجة و محرم و رجب و لم يكن يحل لهم في هذه الأشهر قتال ، و كان لهم نَسَأَةٌ من بني كنانة ، جمع ناسيء ، يؤخرون الشهور فيحلون الحرام و يحرمون الحل. فكانوا يحتالون على الشهر الحرام إذا أرادوا قتالاً فيه أو إغارة. و ربما استخدموا الكبس لسبب آخر إذ من المعلوم أن السنة القمرية لا تتفق مع فصول السنة الشمسية ولذا فإن مواسم العرب كالأسواق والحج تأتي أحياناً في أوقات غير سياحية فيكون الارتحال مضنياً لهم بسبب الحر القائظ والبرد القارس.

ولقد اختلف المؤرخون في الطريقة التي يتبعها العرب في كبس شهورهم ليكفلوا التوافق بين الشهور والفصول ولتكون مواسمهم في الفصول المناسبة لإقامتها ومن الممكن انهم اتبعوا أحد الطرق التالية:

1- إضافة 9 شهور لكل 24 سنة.

2- إضافة شهر واحد لكل 3 سنوات.

3- إضافة 7 شهور لكل 19 سنة

تحريم النسيء

يقول الله جل شأنه في محكم كتابه الكريم ] إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ! إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [ وفي السنة العاشرة من الهجرة حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم حج الوداع وفي مساء يوم التاسع من ذي الحجة خطب خطبته الجامعة وجاء فيها :

" أيها الناس إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ ألا وأن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض و ان عدة الشهور اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ثلاثة متوالية ورجب مفرد الذي بين جمادى وشعبان".

و بذلك جاء الإسلام فأقر حرمة الشهور الأربعة و نسخ ما النسيء.

التقويم الهجري القمري

ظلت قريش تؤرخ بعام الفيل وكان المسلمون يؤرخون به معهم قبل الهجرة فلما هاجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مكة إلى المدينة، ترك المسلمون التاريخ بعام الفيل وسموا كل سنة مما بين الهجرة والوفاة باسم مخصوص مما اتفق في تلك السنة:

1. السنة الأولى الأذان

2. السنة الثانية الأمر

3. السنة الثالثة التمحيص

4. السنة الرابعة الترفئة

5. السنة الخامسة الزلزال

6. السنة السادسة الاستئناس

7. النسة السابعة الاستغلاب

8. السنة الثامنة الاستواء

9. السنة التاسعة البراءة

10. السنة العاشرة الوداع

ثم بعد ذلك سار التاريخ أحياناً بنفس الأسلوب حتى السنة السابعة عشرة للهجرة وهي السنة التي أسس فيها التقويم الهجري الذي نؤرخ به اليوم

تأسيس التقويم الهجري

يروى في كتب السير و التاريخ أنه في السنة السابعة عشرة للهجرة كتب الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري عامله على البصرة وذكر في كتابه شهر شعبان فرد أبو موسى الأشعري أنه يأتينا من أمير المؤمنين كتب ليس فيها تاريخ وقد قرأنا كتاباً محله شعبان فما ندري أهو شعبان الذي نحن فيه أم الماضي. فجمع الخليفة عمر الصحابة وأخبرهم بالأمر وأوضح لهم لزوم وضع تاريخ يؤرخ به المسلمون فأخذوا في البحث عن واقعة تكون مبدأ للتاريخ المقترح فذكروا ولادته صلى الله عليه وآله وسلم ومبعثه و وفاته ، لكن الإمام علي بن أبي طالب (ع) أشار بجعله يوم هجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من مكة إلى المدينة ، فراقت الفكرة للخليفة عمر و سائر الصحابة فأرخوا بها ، ثم بحثوا موضوع الشهر الذي تبدأ به السنة واتخذوا شهر محرم بداية للسنة الهجرية مع أن الهجرة النبوية الشريفة وقعت في شهر ربيع الأول وذلك لسببين هما :

1- شهر محرم هو الشهر الذي استهل بعد بيعة العقبة بين وفد من أهل يثرب والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أثناء الحج في شهر ذي الحجة فكأن الهجرة بدأت في ذلك الوقت فقد أذن بها صلى الله عليه وآله وسلم وكان أول هلال يهل بعد الأذن هو شهر محرم.

2- لأن شهر محرم كان بدء السنة عند العرب قبل الإسلام ولأنه أول شهر يأتي بعد منصرف الناس من حجهم الذي هو ختام مواسم أسواقهم.

بعد أن إستولى القيصر جوليوس على مصر عام 48 قبل الميلاد إستدعى أحد فلكي الإسكندرية و يدعى سوسيجينس (Sosigenes) و طلب إليه أن يضع نظاما ثابتا للتقويم فألغى النظام المتبع في التقويم الروماني باستخدام السنة القمرية وجعل طول السنة كما في التقويم المصري القديم 365 يوما إلا انه أضاف ربع يوم في كل سنة ليتوافق مع السنة الشمسية ، و لا يعرف كيف توصل سوسيجينس إلى هذا التقويم لكنه من المحتمل أن يكون قد أخذه من علماء بابل. وقد جعل مبدأ هذا التاريخ أول يناير سنة 709 من تأسيس مدينة روما ( سنة 45 قبل الميلاد) ، و سمي التقويم بالتقويم الجولياني نسبة إلى القيصر جوليس. و مر التقويم الجولياني بعدة مراحل حتى استقرت أسماء الشهور وعدد أيامها على النحو التالي: يناير (31) يوما – فبراير (28) يوما – في البسيطة و (29) في الكبيسة – مارس (31) – أغسطس (31) – سبتمبر (30) – أكتوبر (31) – نوفمبر (30) – ديسمبر (31).

استمر العمل بالتقويم الجولياني على أساس أن السنة التي تقبل القسمة على (4) تكون كبيسة ويكون شهر فبراير فيها 29 يوما وعدد أيام السنة 366 والسنة التي لا تقبل القسمة على (4) تعتبر بسيطة وشهر فبراير فيها 28 يوما وعدد أيام السنة 365 يوما.

ينسب هذا التقويم إلى البابا جريجر الثالث عشر (Pope Gregory XIII) الذي قام بإجراء تعديلات على التقويم الجولياني حيث لاحظ في سنة 1582 أن الاعتدال الربيعي وقع في يوم 11 مارس أي أن هناك خطأ قدره (10) أيام وقع ما بين سنتين 325 إلى 1582 وهذا الفرق ناتج في أن السنة الشمسية ليست 365 يوما وربع (6 ساعات) بل أنها 365 يوما و (5) ساعات و 48 دقيقة و 46 ثانية فالخطأ يبلغ يوما واحدا في كل 128 سنة.

و لتصحيح هذا الفرق فقد اعتبر يوم الجمعة (5) أكتوبر سنة 1582 ميلادية اليوم الخامس عشر منه ولئلا يتكرر الخطأ وبقاعدة ابسط فقد جعل التصحيح 3 أيام في كل 4 قرون.

وعلى هذا فالسنون الكبيسة هي التي تقبل القسمة على 4 ما عدا السنين القرنية فلا تكون كبيسة ألا إذا انقسمت على 400 فالسنون 1980، 1984، 1988 تعتبر كبيسة في التقويم الجولياني والجريجوري أما السنون 1500، 1700، 1900 فأنها تعتبر كبيسة في التقويم الجولياني لكنها بسيطة في التقويم الجريجوري.

والسنون 1600، 2000، 2400 تعتبر كبيسة في التقويمين الجولياني و الجريجوري – فالتقويم الجريجوري استعمل أولا في روما ثم في فرنسا وأسبانيا والبرتغال أما إنجلترا فاتبعتة سنة 1752 واليابان سنة 1872 ومثر سنة 1875 والصين سنة 1912 وروسيا سنة 1917 واليونان و رومانيا سنة 1923 ولا تزال بعض الأمم لم تستعمله حتى الآن.

الأيام الجوليانية

قام العالم الفرنسي يوسف جوستس سكاليجير (1540-1609) (Joseph Justus Scaliger) بوضع نظام لحساب التاريخ يبدأ من مرحلة ما قبل التاريخ المدون ليسهل على الفلكيين و علماء الكرونولوجيا (Chronology) تتبع الأحداث الفلكية و التاريخية إلى ما قبل التقويم الحديث دون الحاجة لاستخدام الأعداد السالبة. و باستخدام الدورات التقويمية الثلاث: دورة 28-سنة الشمسية و دورة 19-سنة ذات الأرقام الذهبية و دورة 15-سنة للضرائب الرومانية ، حدد سكاليجير بداية الفترة الجوليانية (The Julian Period) في 1/1/4713 قبل الميلاد.

و في عام 1849 أصدر العالم جون هرشل (1792-1871) (John F. Herschel) كتابه " قواعد الفلك " و شرح فيه كيفية تحويل الفترة الجوليانية إلى نظام الأيام المعدودة. و جاء علماء فلك آخرون بعده ليتبنوا هذا النظام و اعتبروا بداية عد الأيام الجوليانية (Julian Day Numbers) هو منتصف النهار بتوقيت جرينتش من يوم الاثنين (-) 1/1/4712 (1/1/4713 قبل الميلاد) هي نقطة الصفر في هذا النظام. و يسمى هذا النظام أيضاً بـ الأيام الجوليانية الفلكية (Astronomical Julian Days).

و خلال السنوات اللاحقة تم استحداث أنظمة لحساب الأيام على غرار الأيام الجوليانية ، و منها على سبيل المثال:

1.الأيام الجوليانية الكرونولوجية (Chronological Julian Days) تبدأ من منتصف الليل من (-) 1/1/4712.

2.الأيام الجوليانية المعدّلة (Modified Julian Day) تم وضعه من قبل علماء الفضاء في الخمسينات من القرن الماضي. و تبدأ من منتصف الليل 16/17 نوفمبر 1858 . ينقص عن الأيام الجوليانية بـ (2400000.5) يوم.

3.الأيام الليلانية (Lilian Day Number) و يبدأ من تاريخ إعتماد التقويم الجريجوري في يوم الخميس 15/10/1582 .

قام واضعو التقاويم التوفيقية التي تعتمد في آن واحد على السنة الشمسية و الشهور القمرية بابتكار طرق حسابية لكبس السنين ، و من أشهر تلك الطرق دورة ميتن (Meton) الفلكي الإغريقي التي وضعها سنة 432 قبل الميلاد و التي ما زالت تستخدم في التقويم العبري و تحديد عيد الفصح لدى المسيحيين. و مع تقدم علم الفلك تطورت طرق التحويل بين الأشهر القمرية و السنين الشمسية إلا أن نتائجها تحتمل الخطأ بفارق يوم واحد و ذلك لأنها مبنية على طريقة اصطلح عليها العلماء بأن جعلوا في كل 30 سنة قمرية 19 سنة بسيطة من 354 يوماً و 11 سنة مركبة من 355 يوماً وهي: 2 ، 5 ، 7 ، 10 ، 13 ، 15 ، 18 ، 21 ، 24 ، 26 ، 29.
و عليه فالطريقة الصحيحة و الدقيقة لتحويل التاريخ من و إلى التقويم الهجري هي الطريقة التي تعتمد على تحديد اقتران الهلال بالإضافة إلى إمكانية الرؤية في المكان المعين. و هناك برامج تعمل بالحاسب الآلي متوفر بالأسواق و بعضها على شبكة الإنترنت يمكن الاستعانة بها لتحديد اقتران الهلال للأشهر القمرية ، لكن تحديد إمكانية رؤية الهلال غير متوفرة إلا في عدد محدود منها. و من تلك البرامج التي توفر بيانات حول إمكانية الرؤية (MoonCalc 6.0 © Dr. Monzur Ahmed)، و برنامج التقويم الفلكي الإسلامي الصادر من مؤسسة اللواء للدراسات و هذا البرنامج سهل الإستخدام و أكثر مرونة في التنقل بين التقاويم الهجرية و الميلادية و الإيراني. و قد قمت بالتحقق من بعض الأحداث التاريخية من حيث حدوثها في اليوم من الأسبوع ، مستعيناً بالبرنامجين المذكورين.
و فيما يلي قائمة لبعض الأحداث التاريخية التي وردت في كتب التاريخ و التراث:
ت
الحدث
التاريخ الهجري
اليوم
التاريخ الميلادي
1.
مولد الرسول صلى الله عليه وآله
12 ربيع الأول -53
الخميس
23/4/571
2.
نبوّة محمد صلى الله عليه و آله وسلم
17 رمضان -12
الأثنين
2/8/611
3.
بداية التقويم الهجري
1/ 1/ 1
الجمعة
16/7/622
4.
هجرة النبي صلى الله عليه و آله وسلم
8 ربيع الأول 1
الإثنين
20/9/622
5.
غزوة بدر
17 رمضان 2
الثلاثاء
13/3/624
6.
غزوة أحد
15 شوال 3
السبت
30/3/625
7.
فتح مكة المكرمة
20/9/8
الخميس
11/1/630
8.
وفاة النبي صلى الله عليه و آله و سلم
12/3/11
الأحد
7/6/632
و الحمد لله رب العالمين


المراجع

1. إبن هشام ، ( السيرة النبوية ) ، تحقيق مصطفى السقا وأخرون ، القاهرة ، (ب ت)

2. أحمد شفيق الخطيب ، (قاموس الفلك و الفضائيات المصور). مكتبة لبنان ، بيروت ، 1988

3. سيد وحيدا لدين مغربي و آخرون ، (الظواهر الفلكية – 101 فلك عملي). جامعة الملك سعود، الرياض ، 1988

4.صالح العجيري ، (التقاويم قديماً و حديثاً). مكتبة العجيري ، الكويت ، 1992

5. علي موسى ، (التوقيت و التقويم). دار الفكر ، دمشق ، 1990

6. محسن الأمين ( مفتاح الجنات). مؤسسة الأعلمي ، بيروت ، 2000

7. محمد إبراهيم و أخرون ، (تاريخ سيرة الرسول صلى الله عليه وآله و الدعوة الإسلامية) ، وزراة المعارف ،الرياض ، 2001م

8.محمد البنداق (التقويم الهادي). دار الآفاق الجديدة ، بيروت ، 1980

9. محمد سميعي وآخرون ، (التقويم الفلكي الإسلامي ) ، مؤسسة اللواء للدراسات

10. Ahmed , Monzur. “Moon Calculator” http://www.starlight.demon.co.uk/mooncalc

http://www.qasweb.org/media/files/1070890193.zip

إشترك في القائمة البريدية

سيصلك كل ما هو جديد من أخبار و أنشطة الجمعية